اكتشف فريق طبي أمريكي ان للزائدة الدودية التي حيرت العلماء دورا مهما في الجسم، وأنها مسؤولة عن إنتاج وحفظ مجموعة متنوعة من البكتيريا والجراثيم التي تلعب دورا مفيدا للمعدة. ولفت الفريق التابع لجامعة “ديوك” إلى أن هذا الاكتشاف قد يحسم الجدل حيال الدور المفترض للزائدة الدودية، بعد أن اعتبرت مدارس الطب الرسمية لعقود طويلة أنها عضو فقد دورة مع تطور الإنسان، وبات من الممكن إزالته من دون ارتدادات سلبية.
وفقا للدارسة التي أجراها الفريق ونشرها في مجلة “الطب النظري”، فإن عدد الجراثيم والبكتيريا التي يحويها جسم الإنسان تفوق عدد خلاياه، لكن السواد الأعظم من هذه الكائنات الدقيقة يمارس دورا إيجابيا داخل الجسم، ويساعد على هضم الأطعمة.
وتشير الدراسة إلى أن أمراضا معينة، مثل الكوليرا أو الإسهال الشديد، قد تؤدي إلى إفراغ الأمعاء من هذه البكتيريا والجراثيم المفيدة، وهنا يبدأ دور الزائدة التي يتوجب عليها في هذه الحالة العمل على إعادة إنتاج وحفظ تلك الجراثيم.
ولتأكيد صحة ما ذهبت إليه، اعتبرت الدراسة أن موقع الزائدة الدودية في الطرف الأسفل من الأمعاء الغليظة، التي تعتبر ممرا أحادي الاتجاه للطعام، تشكل دليلا على ذلك.
ورأت الدراسة أن هذا الدور الذي حددته للزائدة كان دورا مصيريا خلال الفترة البدائية، التي كان خلالها البشر يعيشون في عزلة وفي مجموعات محدودة العدد.أما اليوم فإن دورها بات أقل أهمية، وذلك لأن من الممكن لمن يفقد الجراثيم المفيدة أن يعود فيلتقطها من الأشخاص الذين يعيشون في محيطه.
ودعت الدارسة إلى عدم اعتبار هذا الدور المكتشف حديثا للزائدة سببا للامتناع عن إزالتها في حالة الالتهاب، محذرة من أن ما بين 300 إلى 400 شخص يموتون في الولايات المتحدة وحدها جراء حالات مماثلة.
واستدعت الدراسة تعليقات من عدد من العلماء، الذين أجمعوا على أنها تثير نقاطا طبية منطقية وقابلة للتصديق.
وفي هذا السياق، قال البروفسور دوغلاس ثيوبولد، وهو أخصائي في كيمياء الأحياء، من جامعة برانديس، “تبدو الفكرة محتملة بشدة، كما أنها تتوافق مع مسار نظرية تطور الكائنات”.
ومن المعروف أن الزائدة الدودية عضو شديد الحساسية للالتهاب، وقد يتسبب التهابها أحيانا بوفاة المريض، إذا لم يتم استئصالها في الوقت المحدد.
والزائدة الدودية عبارة عن عضو دودي الشكل على هيئة أنبوب صغير مغلق من ناحية واحدة، يمتد متفرعا من الأمعاء الغليظة ويقع في التجويف البطني في الجزء الأيمن السفلي منه، لا يزيد عرض الزائدة على بوصة واحدة ولا يزيد طولها على 3 إلى 4 بوصات، ولا يعرف حتى الآن ما هي وظيفة الزائدة الدودية.
وهناك فرضيات علمية غير مثبتة تربط بين الزائدة الدودية والجهاز المناعي لدى الإنسان، حيث يعتقد أنها تستحث الجسم على تطوير مناعته ضد الأمراض، ومع هذا فإن استئصالها لا يؤدي إلى أي مضاعفات على الإطلاق.
ولذا فإن وصف هذا العضو بالزائد تعبير خاطئ، إذ ليس هناك أعضاء زائدة في خلق الله تعالى في جسم الإنسان.
وإذا دخل تجويف الزائدة أي شيء من محتويات الأمعاء (مخلفات الطعام، جسيمات صلبة غير مهضومة) ينسد ويصبح مغلقا من كلا طرفيه، مما يؤدي إلى حدوث التهاب داخل الزائدة الدودية، وقد يحدث أن تتجمع البكتيريا داخل الزائدة الدودية ويبدأ الالتهاب فتنتفخ، ويحصل الانسداد لهذا السبب، وليس هناك وسيلة لمنع التهاب الزائدة أو التنبؤ به قبل حدوثه.
ويصيب التهاب الزائدة الدودية جميع الأعمار من الذكور والإناث على حد سواء، ولكنه يحدث أكثر في سن الشباب (من سن 15 حتى سن 30)، أما في الأطفال فإن هذا النوع من الالتهابات قلما يحصل لسبب بسيط، وهو أن تجويف الزائدة في هذه المرحلة واسع إلى حد يصعب معه الانسداد إلا نادرا.
وقد نجح علماء طب في تطوير فحص جديد لالتهاب الزائدة الدودية، قد ينقذ مئات المرضى من العمليات الجراحية غير الضرورية، من خلال الكشف عن وجود مادة في البول، تحدد ما اذا كان مغص البطن الشديد سببه فعلاً الزائدة الملتهبة أم لا.
وأوضح الأطباء أنه في حال وجود هذه المادة، يهرع الجراحون لاستئصال العضو. أما في حال عدم وجودها، فإن ذلك يدل على أن سببا آخر وراء الألم، مشيرين إلى أن تقنيات التشخيص الحالية بعيدة كل البعد عن الكمال، لأن الكثير من الأمراض قد تسبب أعراض التهاب الزائدة نفسها، إلا أنه في 30 في المائة من الحالات، يضطر الجراحون لفتح بطن المريض ليجدوا أن الزائدة لا تزال سليمة ومعافاة!.
وأوضح الأطباء أن الزائدة هي امتداد صغير يشبه الدودة، ملتصق بالأمعاء الغليظة، ووظيفتها لم تتضح حتى الآن، إلا أن التهابها قد يسبب نوبات شديدة من ألم البطن، وقد يسوء هذا الألم ويشتد بعد عدة ساعات، فترتفع درجة حرارة المريض، ويشعر بالتعب والغثيان.
وتشمل الفحوصات الروتينية لمثل هذه الحالة، عينة من الدم أو البول، وقياس مستويات كريات الدم البيضاء، التي يزداد عددها كدليل على وجود التهاب أو انتان، إضافة إلى فحص بطن المريض بالضغط عليه، لتحديد مصدر الألم، وبالتالي إخضاع المريض لعملية جراحية بالقطع في أسفل البطن، بمقدار انشين، واستئصال الزائدة تحت تخدير عام، ويحتاج المريض للإقامة في المستشفى نحو ثلاثة أيام بعد العملية.
أما الفحص الجديد فيكشف عن وجود مادة كيميائية معينة يطلقها الجسم، عند وجود التهاب في الزائدة الدودية، ويمكن تحديدها في بول المريض خلال ساعات من بدء الأعراض، في فحص يستغرق 15 دقيقة فقط.
وأوضح الباحثون أن هذا الفحص الذي أطلق عليه اسم “آبي تيست”، مصمم ليستخدم كمرجع لفحوصات الدم، وهو سهل الاستخدام، وقليل التكلفة، ودقته عالية تتراوح بين 80 إلى 90 في المائة.
وإذا كانت نتيجة هذا الفحص سلبية، وعدد خلايا الدم البيضاء طبيعية، ينصح بإبقاء المريض تحت الملاحظة مدة 24 ساعة، وإعادة إجراء الفحص له بعد ساعات عدة.